الحلقة الثانية
فوجئت بأنه لم يعد فى القطار غيرنا ... اما أنا فنسيت الى أين كانت وجهتى.. فابتسمت وسألتها :
- انتى ناوية تروحى فين ؟
سكتت الفتاة ثم ردت
: - انا ...... مش عارفة .. أى مكان .. المهم انى اهرب وبس
:- يعنى انتى مش راحة مكان معين ؟
سقطت عيناها الى الارض وهزت راسها وقالت بصوت خافت
:- لا
*********
احسست بالجحيم الذى تتجه اليه تلك الفتاة ومدى التضحية التى تقوم بها من اجل حياة اختها ...
فكرت للحظات دار فيها صراع مع نفسى هل ادخل ذلك المعترك ام اتركها للقدر يفعل بها مايشاء ؟ ...
حتى نطق لسانى دون تفكير :
- تيجى معايا لحد مانلاقى حل لمشكلتك ؟
احسست بنظرات الشك فى عينيها والتمست له العذر فهى لاتعرفنى الا من وقت قليل لايتعدى ساعات ..
" - انا اعرفك منين ؟.. مش معنى اننا اتكلمنا وانى فضفضت لك .. انى اسلمك نفسى ": قالتها الفتاة بابتسامة ساخرة ..
احسست بالحرج وقتها .. فلم يكن قصدى سوى خير لها .. ومع ذلك مازلت التمس لها العذر..
:- لا ... تسلمينى نفسك ايه ... انا اسف انى طلبت منك الطلب ده .. بس انا قصدى خير وانا اسف ..
********
بعدما رفضت ادركت أنه لم يعد بأيدى وسيلة اساعدها بها ... ونويت أن اتركها ثم اخرجت كارت خاص بى واعطته لها :
- ده الكارت بتاعى فيه رقمى .. اطلبينى لو احتجتينى ..... و هممت للذهاب
نظرت الفتاة الى الكارت وقرأت مابه ثم نظرت الى وقالت :
- انت دكتور ؟!
اجبت :- ايوة طبيب .. بس لسة فى بداية حياتى .. و أنا تحت امرك لو احتجتى منة اى حاجة ...
بعدها حملت حقيبة يدى وودعتها .. وبعد خطوات قليلة سمعت صوتها
:- دكتور حازم ... انت ساكن لوحدك ؟
وقفت مكانى والتفتت اليها وفى ابتسامة :
- لا .. أنا ساكن مع أمى .. و أمى دمها شربات .. واحلى ست فى الدنيا
ثم حملت حقيبتها وابتسمت :
- هو بيتكم بعيد ؟
هنا
ادركت أنها وافقت ان تأتى معى .. وللحقيقة كانت مفاجأة لى .. فكان طلبى
لها بالمجئ معى تسرع منى .. ولكن هل وثقت بى أم أنها قالت اننى كغيرى ؟ ..
و ربما اكون افضل العواقب السيئة التى تنتظرها .. ومع ذلك كان تفكيرى
الوحيد أنى اساعدها واحميها من قدرها المجهول ..
*********
خرجنا من محطة القطار .. وبعد صعوبة وجدنا سيارة لتذهب بنا الى بيتى ..وفى الطريق لم تكف عن الكلام
: - انت لسة معرفتش اسمى
: -انا اسمى سارة ..خريجة معهد سياحة وفنادق .. وعندى تلاتة وعشرين سنة
ثم تكمل:
- انت خاطب ولا متجوز ؟
وانا ابتسم واستمع لها
وتكمل :- هو انت كان نفسك تكون دكتور ؟
وظلت
تتحدث وتتحدث وانا استمع .. وكان اكثر مايفرحنى أنها تحولت من الحزن
والالم الى تلك الابتسامة الجميلة .. فكم هى جميلة عندما تضحك حتى اننى
كنت اسال نفسى وهى تتحدث :
- ازاى بنت جميلة كدة يكون عندها الهموم دى كلها ؟
**********
دخل
علينا الليل ومازلنا فى طريق العودة لبيتى .. ويبدو أن سارة كانت فى قمة
الارهاق والتعب حتى أنها لم تستطع مقاومة تعبها .. و ادركت ذلك حين وجدت
رأسها قد مالت على كتفى وغلبها النوم وشعرها الناعم يتدلى على وجهها ..
فكم كانت بريئة كملاك .. حتى أنى خفت أن اهتز فتصحو من نومها ..فتركتها
نائمة , وبقيت افكر فى مستقبل تلك الفتاة وكيف تستقبلها أمى ..
حتى نظر الى السائق يريد ان يتحدث .. فأشرت له بأصبعى أن يصمت فانى أخاف أن يوقظ هذا الملاك النائم .........
يتبع